في التماس الحق فيما اتصل بنا، وقد فاتنا نبيكم محمد، وفيما قرأناه من كتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في اممهم، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل، فأنت أيها الأمير وصيه، لنسألك عما نحتاج إليه؟
فقال عمر: هذا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فجثا الجاثليق لركبتيه، وقال له: خبرنا - أيها الخليفة - عن فضلكم علينا في الدين، فإنا جئنا نسأل عن ذلك؟
فقال أبو بكر: نحن مؤمنون وأنتم كفار، والمؤمن خير من الكافر، والايمان خير من الكفر.
فقال الجاثليق: هذه دعوى تحتاج إلى حجة، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك؟
فقال أبو بكر: أنا مؤمن عند نفسي، ولا علم لي بما عند الله.
قال: فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن، أم أنا كافر عند الله؟
فقال: أنت عندي كافر، ولا علم لي بحالك عند الله.
فقال الجاثليق: فما أراك إلا شاكا في نفسك وفي، ولست على يقين من دينك، فخبرني ألك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه في الدين تعرفها؟
فقال: لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد، ولا أعلم هل أصل إليها أم لا.
فقال له: فترجو أن تكون لي منزلة في الجنة؟
قال: أجل أرجو ذلك.
فقال الجاثليق: فما أراك إلا راجيا لي، وخائفا على نفسك، فما فضلك علي في العلم؟
ثم قال له: أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي المبعوث إليك؟
قال: لا ولكن أعلم منه ما قضى لي علمه.
قال: فكيف صرت خليفة للنبي، وأنت لا تحيط علما بما تحتاج إليه امته من علمه، وكيف قدمك قومك على ذلك؟