كل ذلك في ساعة واحدة، وذلك أنهم كانوا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا له: يا محمد، ننتظر بك إلى الظهر فإن رجعت عن قولك، وإلا قتلناك، فدخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم، فأتاه جبرئيل عن الله من ساعته فقال:
يا محمد، السلام يقرأ عليك السلام وهو يقول لك: ﴿فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين﴾ (١) يعني أظهر أمرك لأهل مكة وادعهم إلى الايمان، قال: يا جبرئيل، كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟ قال له:
﴿إنا كفيناك المستهزئين﴾ (2) قال: يا جبرئيل، كانوا الساعة بين يدي، قال:
قد كفيتهم، فأظهر أمره عند ذلك.
وأما بقيتهم من الفراعنة: فقتلوا يوم بدر بالسيف، وهزم الله الجمع وولوا الدبر».
قال له اليهودي: فإن هذا موسى بن عمران قد اعطي العصا فكانت تتحول ثعبانا.
قال له علي (عليه السلام):
«لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) اعطي ما هو أفضل من هذا، إن رجلا كان يطالب أبا جهل بن هشام بدين: ثمن جزور قد اشتراه، فاشتغل عنه وجلس يشرب، فطلبه الرجل فلم يقدر عليه، فقال له بعض المستهزئين:
من تطلب؟ فقال: عمرو بن هشام - يعني أبا جهل - لي عليه دين، قال:
فأدلك على من يستخرج الحقوق؟ قال: نعم. فدله على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان أبو جهل يقول: ليت لمحمد إلي حاجة فأسخر به وأرده، فأتى الرجل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد، بلغني أن بينك وبين عمرو بن هشام حسن صداقة، وأنا أستشفع بك إليه، فقام معه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتى بابه، فقال له: