ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) اصيب بأفجع منه فجيعة، إنه وقف على عمه حمزة، أسد الله وأسد رسوله وناصر دينه، وقد فرق بين روحه وجسده، فلم يبن عليه حرقة، ولم يفض عليه عبرة، ولم ينظر إلى موضعه من قلبه وقلوب أهل بيته ليرضي الله عز وجل بصبره ويستسلم لأمره في جميع الفعال، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لولا أن تحزن صفية لتركته حتى يحشر من بطون السباع وحواصل الطير، ولولا أن يكون سنة بعدي لفعلت ذلك».
قال له اليهودي: فان إبراهيم قد أسلمه قومه إلى الحريق فصبر فجعل الله عز وجل عليه النار بردا وسلاما فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟
قال له علي (عليه السلام):
«لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لما نزل بخيبر، سمته اليهودية الخيبرية فصير الله السم في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله، فالسم يحرق إذا استقر في الجوف كما أن النار تحرق، فهذا من قدرته لا تنكره».
قال له اليهودي: فإن هذا يعقوب أعظم في الخير نصيبه إذ جعل الأسباط من سلالة صلبه، ومريم بنت عمران من بناته.
قال له علي (عليه السلام):
«لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أعظم في الخير نصيبا منه إذ جعل فاطمة سيدة نساء العالمين من بناته، والحسن والحسين من حفدته».
قال له اليهودي: فإن يعقوب قد صبر على فراق ولده حتى كاد يحرض (1) من الحزن.
قال له علي (عليه السلام):
«لقد كان كذلك، وكان حزن يعقوب حزنا بعده تلاق، ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)