حياته لنجح بنو أمية فيما كانوا يرمون إيه، وهو انتزاع الخلافة من بني هاشم وحصرها في بني أمية، وكان معاوية كما لا يخفى أقوى بني أمية في ذلك العصر، ومعه جند الشام - وهم أقوى أجناد العرب - يأتمرون بأمره، وينتهون بنهيه، فاتخذهم سلاحا لتنفيذ أغراضه.
الثانية: جهة عامة: وهي أن العرب بالتقائهم مع الأمم المقهورة سواء أكانت تلك الأمم فارسية أو أمما خاضعة للحكومة البيزنطية، أخذوا عنهم نظم الحكم، وحاولوا تقليدهم في الخضوع لنظام ملكي فلم يكن بد حينئذ من أن تتأثر هذه الأمة البدوية بهذه الأمم المتحضرة، كالأمة الرومانية وأهل مصر والشام وغيرها. وبعضهم كانوا يتأثرون بهذا المبدأ ويرغبون في أن يؤسسوا الحكم الإمبراطوري الذي يلائم الحالة التي أصبحت فيها بلادهم، وقد اتسع ملكهم وكبر سلطانهم، بحيث أصبحت نظم الحكم التي كانت مألوفة في أيام أبي بكر وعمر غير صالحة لهذه الإمبراطورية الضخمة المتألفة من شعوب مختلفة في الجنس والعادة والخلق والدين وسائر أنواع الحياة (1) هذه النظم التي كانت محصورة في دائرة ضيقة هي مكة والحجاز وبلاد العرب: وهذا هو حزب الأرستقراطية، وهم زعماء الأمة العربية على العموم، وأعظم ممثل لهؤلاء الزعماء هم بنو أمية.
لهذا لم يكن بد إذا من انقسام العرب إلى قسمين: