أ - قبيلة عمرو بنو سهم:
لما كان من قصدنا أن ندرس حياة عمرو بن العاص السهمي القرشي، الذي نضع له رسالتنا لتقصي أخباره وتتبع آثاره وفتوحه وسياسته وأخلاقه، لزم أن نذكر كلمة يسيرة عن عشيرته بني سهم.
لأن للبيئة التي يولد فيها الشخص ويترعرع تأثيرا كبيرا في نشأته وأعماله. وبالإحاطة بها يسهل استنباط الحكم على حياة الرجل مما يحيط به المؤثرات.
ولكن التاريخ لم يحفظ لنا لسوء الحظ شيئا ذا غناء، وإنما هي أخبار مبعثرة ليست بذات الخطر، ولا بالتي تمثل لنا حياة هذه القبيلة تمثيلا صحيحا واضحا. فكل ما نعرفه هو أن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بطن من بطون قريش، اشتهروا في الجاهلية وفي الإسلام بمناقب رفيعه، وكانوا من أصحاب السيادة والسلطان في مكة، وكان لهم في إدارة شؤون قريش نصيب كبير صاروا به ذوي بأس وكرم وعز وجاه وسلطان.
وقد ذكروا أن بني سهم كانوا أصحاب الحكومة في قريش قبل الإسلام، ولسنا ندري حقيقة هذه الحكومة، ولكنا نعلم أن قد كانت العادة عند العرب وعند غيرهم من الأمم في عصورها الأولى أن تتقسم الأسر الكبيرة بينها الأعمال الاجتماعية. فلعل هذه الحكومة كانت شيئا يشبه القضاء. بحيث كان يحتكم القرشيون وغيرهم ممن يفد على مكة من العرب إلى بني سهم، أو بعبارة أصح إلى زعماء بني سهم فيما كان يقع بينهم من الخصومات. هذا شئ يظهر أن ليس فيه من شك. فإذا عرفنا أن الذين قد اختصوا بالحكومة عند العرب في الجاهلية إنما كانوا أصحاب رأي وحلم ودهاء (وكلنا يعلم ما يروى عن أكثم بن صيفي وذي الإصبع العدواني وغيرهما من حكماء العرب). وإذا كانت الحكومة قد