و - سفر عمرو إلى مصر في الجاهلية ذكر السيوطي في (حسن المحاضرة ج 2 ص 41) أن عمرو بن العاص قدم إلى بيت المقدس بتجارة في نفر من قريش. وكان عمرو يرعى في بعض جبالها إبله وإبل أصحابه. وكانت رعية الإبل نوبا بينهم. فبينما عمرو يرعى إبله إذ مر عليه شماس، وقد أصابه عطش شديد في يوم شديد الحر فأسقاه عمرو من قربة له حتى روى. ثم نام الشماس في مكانه وكان إلى جانيه حيث نام حفرة فخرج منها حية عظيمة فبصر بها عمرو فنزع لها سهما فقتلها. فلما استيقظ الشماس وعلم بذلك أقبل إلى عمرو فقبل رأسه وقال له: قد أحياني الله بك مرتين: مرة من شدة العطش ومرة من هذه الحية. ثم قال له الشماس:
وكم ترجو أن تصيب من تجارتك؟ وقال: رجائي أن صيب ما اشترى به بعيرا فتكون لي ثلاثة أبعرة. فقال له الشماس: أرأيت دية أحدكم بينكم وكم هي؟ فقال مائة من الإبل. فقال له الشماس: لسنا أصحاب إبل نحن أصحاب دنانير. قال: تكون ألف دينار. فقال له الشماس: إني رجل غريب في هذه البلاد وإنما قدمت أصلي في بيت القدس، وأسيح في هذه الجبال شهرا جعلت ذلك نذرا على نفس وقد قضيت ذلك، وإنما أريد الرجوع إلى بلادي، فهل لك أن تتبعني إلى بلادي ولك عهد الله وميثاقه أن أعطيك ديتين لأن الله تعالى قد أحياني بك مرتين؟ فقال له عمرو: وأين بلادك؟ قال: مصر. في مدينة يقال لها الإسكندرية. فقال له عمرو. لا أعرفها ولم أدخلها قط (1) فقال له الشماس: لو دخلتها لعلمت أنك لم تدخل قط مثلها فقال له عمرو: تفي لي بما تقول،