ج - سرية عمرو إلى ذات السلاسل كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل السرايا إلى القبائل يدعوهم إلى الإسلام. وكان أخوال العاص بن وائل من بلى (1) وعذرة من أرض جذام. وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قضاعة أرادوا أن يدنوا من أطراف المدينة، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قضاعة كي يستأنفهم بذلك، سيره بثلاثمائة من أشراف المهاجرين والأنصار حتى إذا كانوا على ماء بأرض جذام يقال له السلاسل خاف عمرو على من كان من كان معه لقلتهم، فبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستمده فأمده بأبي عبيدة بن الجراح وبمائتين من سراة المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر الصديق وعمر بن خطاب، وزوده بالنصائح، وحذره عاقبة الاختلاف فخرج حتى قدم على عمرو.
ومما يسترعي الأنظار أنه كاد يقع ما حذر النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة عاقبته، وكادت تتطاير نيران الشقاق بين عمرو وأبي عبيدة، لولا أن تلافى أبو عبيدة الشر. ذلك أن أبا عبيدة أراد أن يؤم الناس فقال عمرو: أنما قدمت علي مددا، وأنا الأمير ولا إمارة لك. فقال أبو عبيدة: لا ولكن أنا على ما أنا عليه، وأنت على ما أنت. عليه. فتشبث عمرو برأيه واستمسك بكلمته، فتذكر أبو عبيدة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأطاع له، بذلك حسم النزاع وزال الخلاف (2).
ثم سار الجيش إلى العدو وحمل المسلمون عليهم حملة منكرة وقتلوا منهم خلقا كثيرا، فتشتت شملهم، وتمزقت جنودهم فهربوا في البلاد وتفرقوا.