4 - أ - عمرو وتتمة الفتح في مصر استولى عمرو ابن العاص على العريش والفرما وبلبيس وأم دنين، واستولى على هليوبوليس وقصر الشمع وما والاهما، وصالح المقوقس وفرض على المصريين الجزية، ثم سار إلى الإسكندرية، وأخضع في طريقه كلا من نقيوس وطرنوط وكوم شريك وسلطيس والكريون، وأقام على حصار الإسكندرية حتى فتحها الله على يديه وفرض على أهلها الجزية كباقي مدن مصر، وضرب عليهم الضرائب، فانطفأ سراج الروم من هذه الديار.
ومما ذكرنا يعلم أنه لم تخضع لسلطان عمرو على جميع البلاد قاصيها ودانيها، وأن شروط الصلح قد شملت جميع المصريين وأصبحوا بحكم هذه المعاهدة في حوزة العرب، إلا أنه لا تزال أمامه مدن لا مندوحة له من الاستيلاء عليها، ليتم له بذلك فتح مصر كلها.
أما كون هذه البلاد قد فتحت قبل استيلاء عمرو على بابليون أو بعده: أو بعد حصاره للإسكندرية، فأمر قد لغط المؤرخون فيه. وكان يودنا أن نتعمق في البحث حتى نقف على جلية الأمر، وأي الرأيين أحق أن يتبع، إلا أننا لم نأبه لذلك، لأن هذه الوقائع ثانوية محضة، أعنى أنه لم تتوقف عليها أهمية كبرى، أو أعقبتها نتائج خطيرة. ولنذكر بعض هذه الوقائع حتى لا نركب الشطط، إذ لا تزال هناك أمور أحق بالإسهاب، وأولى بالتفصيل وأجدر بالتعمق في البحث، نرجئها حتى يأتي حينها فنقول:
روى البلاذري في فتوح البلدان (ص 224) إن عمرو بن العاص لما فتح الفسطاط وجه عبد الله بن حذافة السهمي إلى عين شمس فغلب على أرضها، وصالح أهل قراها على مثل حكم الفسطاط، ووجه خارجة