ب - وصية أبي بكر لعمرو بن العاص عند مسيره إلي فلسطين وقد آثرنا أن نقتطف من هذا الوصية البليغة بضع شذارات علنا نقف على شئ من أخلاق عمرو، وحرص أبى بكر على المسلمين، وسلوك الأمراء مع الأمم التي فتحها العرب. قال الواقدي..
دعا أبو بكر عمرو بن العاص فسلم إليه الراية وقال: قد وليتك هذا الجيش (يعني أهل مكة والطائف وهوازن وبني كلاب) فانصرف إلى أهل فلسطين وكاتب أبا عبيدة وأنجده إذا أرادك ولا تقطع أمرا إلا بمشورته. إتق الله في سرك وعلانيتك واستحيه في خلواتك فإنه يراك في عملك. وقد رأيت تقدمتي لك على من هم أقدم منك سابقة وأقدم حرمة. فكن من عمال الآخرة. وأرد بعملك وجه الله. وأسلك طريق إيلياء حتى تنتهي إلى أرض فلسطين.
وإياك أن تكون وانيا عما ندبتك إليه، وإياك والوهن، وإياك أن تقول جعلني ابن أبي قحافة في نحر العدو ولا قوة لي به. واعلم يا عمرو أن معك المهاجرين والأنصار من أهل بدر، فأكرمهم، وأعرف حقهم ولا تتطاول عليهم بسلطانك، ولا تداخلك نخوة الشيطان فتقول: إنما ولاني أبو بكر لأني خيرهم. وإياك وخدائع النفس، وكن كأحدهم، وشاورهم فيما تريد من أمرك. والصلاة ثم الصلاة. إذن بها إذا دخل وقتها. واحذر من عدوك وأمر أصحابك بالحرس ولتكن أنت بعد ذلك مطلعا عليهم.
وأطل الجلوس بالليل مع أصحابك، وأقم بينهم، واجلس معهم، واتق الله إذا لاقيت العدو، وقدم قبلك طلائعك فيكونوا أمامك.
وإذا وعظت فأوجز، وأصلح نفسك تصلح لك رعيتك. وإذا رأيت عدوك فاصبر، ولا تتأخر فيكون ذلك فخرا منك. وألزم أصحابك قراءة