و - عمرو وردة العرب لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم منيت الأمة العربية باضطرابات جسيمة زعزعت مركزها، وكادت تودي بعصبيتها وعظمتها. فقد اختلف المهاجرين والأنصار فيمن يولونه الخلافة، وكان من وراء ذلك ما هو معلوم. ولو كان عمرو في المدينة إذا ذاك لما ظل ساكنا هادئا. بل لا بد أن يكون قد دخل في هذا الخلاف، ولعب فيه دورا مهما وإن كان اليعقوبي قد ذكر أنه كان له ضلع فيه، فإنه لا سبيل أي تصديقه إذ ليس من شك في أنه. لا يزال بعمان حتى دعاه أبو بكر.
ولكنه اشترك فيها كان بين الأمة العربية في كافة أنحاء الجزيرة عقب تولية أبي بكر ذلك أن القبائل العربية بعد وفاة الرسول عليه السلام لم تكن ترغب في أن تخضع لسلطان قريش، وقد أخضعوا إما طوعا أو كرها. فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم خيل إليهم أن هذا السلطان منحل، لأن بعضهم كان لا يستطيع أن يصدق موت النبي. فلما تحققه شك في الدين، وبعضهم كان يعتقد أنه لن تقوم لقريش قائمة بعدما مات زعيمهم، ولأنهم كرهوا سيادة قريش التي ظنوا أنها قد سلبتهم حريتهم وأدخلهم تحت سلطانها بحكم الدين، ولكي تحافظ على هذا السلطة كان لا بد لقريش من محاربة هذه القبائل الخارجة عن طاعتها، فرفضت أكثر قبائل العرب أن تخضع لسلطان أبي بكر، وامتنعوا عن أداء الزكاة. وما زال دبيب العصيان يثور في نفوس القبائل الواحدة بعد الأخرى، حتى تزعزع مركز الإسلام، وانكمش إلى مدن مكة والمدينة والطائف (وكذا قبيلة عبد القيس).
أما عمرو بن العاص فقد أرسل في طلبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فأقبل حتى قدم إلى بلاد بني عامر، ونزل بقرة بن هبيرة، وقرة