ولم يكن ما قام به عمرو بن العاص من مبايعته معاوية كافيا وحده لتثبيت ملك صاحبه، بل كانت هناك أمور جديرة بالذكر والاعتبار منها:
الأول: اضطراب حالة جند علي بن أبي طالب كرم الله وجهه الذي أراد معاودة الكرة على معاوية. ولكن ماذا كان يصنع وقد أصاب جنده خلل واضطراب فاختلفوا على أمرهم، وخرجت من بين صفوفه الخوارج، ولم يكن من شيعته إلا أن تسلل رجالها من معسكرهم فأصبح المعسكر خاليا؟
ولما دخل الكوفة ودعا رؤساءهم ووجوههم وسألهم عن رأيهم فمنهم المعتل ومنهم المكره، وأقلهم من نشط حيث فضلوا الدعة على تلك الحروب المستطيرة التي كادت تستأصلهم، فكان هو وجنده كما قال أخو هوازن:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى * فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد فلما عصوني كنت منهم وقد أرى * مكان الهدى أو أنني غير مهتد الثاني: اتحاد جند معاوية - أما حال أهل الشام مع معاوية فكانت على العكس من ذلك، جند مطيع، وقلوب متحدة وفي هذا كفاية لمن يريد العظائم، ولذلك كان شأنه دائما في علو.
ولعل كثيرا من جند علي إنما تخاذلوا عن نصره بعد ما كان من الحكم، وبعدما اعتقدوا أنهم غير مكلفين نصره، ولكنهم لم يستطيعوا أن يجهروا بذلك، لأن أنصار علي من الثائرين بعثمان كانوا ذوي بأس.
وكان من أثر تلك القوة المتحدة التي كانت مع معاوية بن أبي