عمرو بن العاص فاستأذن لهم. فقال له عمرو: (ما هذا اللقب يا أمير المؤمنين؟ أردد القوم إلى أنسابهم) فقال الحاجب: (هي كلمة إن مضت عرتهم ونقصتهم، وإلا فهذا اللقب راجع إليهم) فقال له عمرو: (أخرج فقل من كان ههنا من ولد عمرو ابن عامر فليدخل) فقال الحاجب، فدخل ولد عمرو بن عامر كلهم إلا الأنصار فنظر معاوية إلى عمرو نظر منكر فقال له: باعدت جدا) فقال: (أخرج فقل من كان ههنا من الأوس والخزرج فليدخل) فقالها، فدخلوا يقدمهم العمان بن بشير الأنصاري وهو يقول:
يا سعد لا تجب الدعاء فما لنا * نسب نجيب به سوى الأنصار نسب تخيره الإله لقومنا * أثقل به نسبا إلى الكفار إن الذين ثووا ببدر منكم * يوم القليب هموا وقود النار فقال معاوية (لقد كنا أغنياء عن هذا). ولا ندري إن كان عمرو أراد بهذا المباعدة بين معاوية والأنصار إتماما لمقاصده السياسية في إغرائهم بمعاوية، أو هو يريد الحط من قدر الأنصار فقط لأنهم شايعوا علي بن أبي طالب أيام الفتنة، ونرجح أنه إنما أراد أن يحط من قدر الأنصار لأنهم أساءوا إلى قريش حين نصروا النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على ميل نفر من المسلمين في هذا العصر إلى ما كان مألوفا في الجاهلية من العصبية.