و - عمرو وحفر خليج القاهرة كان من أعمال عمرو المشكورة في مصر حفر خليج القاهرة - المعروف بخليج أمير المؤمنين. وقد قال مرحوم على مبارك باشا في خططه: يظهر من أهوال المقريزي وغيره أن هذا الخليج بعض من خليج قديم كان مستعملا في الأزمان الغابرة في الملاحة، وموصلا بين النيل والبحر الأحمر، وكانت بواسطته تجارة بلاد العرب والهند والسودان تدخل القطر المصري، وتتوزع في بلاده، كما أن التجارة المصرية كانت تحملها السفن فيه إلى البحر الأحمر فتدخل في جميع البلاد المذكورة، قهو بهذا الاعتبار أثر من الآثار العتيقة يستحق الذكر. أه ولم يترك صاحب الخطط الترفيقية واردة إلا أوردها ولا شاردة إلا اقتفى أثرها، مما لا يترك زيادة لمستزيد، كذلك أفرد له المقريزي بابا خاصا أطال القول فيه، وعنه أخذ على مبارك باشا والسيوطي وغيرهما... وقد ذكر المقريزي في خططه أن هذا الخليج بظاهر القاهرة من جانبها الغربي فيها بينها وبين المقس. عرف في أول الإسلام بخليج أمير المؤمنين، وهو خليج قديم أول من حفره (طوطيس بن ماليا) أحد ملوك مصر الذين سكنوا مدينة منف، وهو الذي قدم خليل الله إبراهيم عليه السلام في أيامه إلى مصر وأخذ امرأته سارة وأخدمها هاجر أم إسماعيل، فلما أسكنها إبراهيم هي وابنها إسماعيل في مكة بعثت إلى طوطيس تعرفه أنها بمكان جدب وتستغيث به، فأمر بحفر هذا الخليج وبعث إليها فيه بالسفن تحمل الحنطة وغيرها إلى جدة فأحيا بلد الحجاز.. وقد تمادت الدهور والأعوام فجدد هذا الخليج أندرومانوس (إدريان) قيصر الروم وسارت فيه السفن قبل الهجرة بنيف وأربعمائة سنة. أه.
(٢١١)