ب - تحول عمرو إلى الفسطاط وتحببه إلى القبط ورده بنيامين إلى كرسيه بعد استيلاء عمرو بن العاص على الإسكندرية تحول بأمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى الفسطاط بعد أن قره واليا عليها، وسبب تحوله أنه لما فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناءها مفروغا منها (قد شيدت غير محتاجة إلى إصلاح) وقد جلا من كان يسكنها من الروم، هم أن يسكنها وقال: منازل قد كفيناها، فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في ذلك فسأل عمر الرسول: هل يحول بيني وبين المسلمين ماء؟ قال:
نعم يا أمير المؤمنين إذا جرى النيل. فكتب إلى عمرو: إني لأحب أن تنزل بالمسلمين منزلا يحول الماء بيني وبينهم في شتاء ولا صيف، فلا تجعلوا بيني وبينكم ماء. متى أردت أن أركب إليكم راحلتي حتى أقدم عليكم قدمت. أه.
كانت الصلة بين مصر وبين الدول المالكة لها منذ الإسكندر، تستلزم أن تكون العاصمة في الإسكندرية، فلما انتقل مركز السيادة على مصر إلى بلاد العرب، كان يجب أن تكون العاصمة إما على البحر الأحمر، وإما على نقطة تسهل منها المواصلات البرية. ولكن العرب لم يكونوا أمة بحرية، فلم يكن بد من أن تكون عاصمة مصر في نقطة برية سهلة التواصل مع بلاد العرب، إلى هذا كله لا نغفل عن حكمة عمرو في اختيار موقع الفسطاط، لأنه كان يمكنه من ملاحظة قسمي البلاد المصرية شمالا وجنوبا، مع أنه قريب من الطريق إلى بلاد العرب. يدلك على ذلك قول عمر (إني لا أحب أن ينزل بالمسلمين منزلا يحول الماء بيني وبينهم في شتاء ولا صيف).