أ - لماذا انضم عمرو إلى معاوية ما كاد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يتبوأ مركز الخلافة حتى اختلفت كلمة المسلمين وصاروا أحزابا: ففريق أصبح يطالب بدم عثمان، وهو حزب الأمويين بالشام، وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان، وفريق من الثائرين قتلة عثمان الذين اختاروا علي بن أبي طالب، يعيثون في الأرض فسادا فيملأون القلوب خوفا ورعبا، وفريق أنصار السياسة الإسلامية القديمة الذي كان يتفق مع الأمويين ولكنه كان يريد أن يعود أمر الخلافة إلى ما كان عليه أيام عمر، وعلى رأسه طلحة والزبير وعائشة.
كان الزبير وطلحة قد بايعا عليا كارهين، فنفضا، بيعتهم، وأرادا أن تنقض خلافة على، لأن أهل المدينة قد أقروها وعلى رؤوسهم سيوف الثائرين. وقد رأينا أن عمرو بن العاص لم يكن راضيا عن عثمان ولا عن حكمه، وأن مقتل عثمان لم يغضبه ولم ولم يسخطه، وربما أرضاه، فلم يكن بد إذا من أن ينضم عمرو إلى علي أو إلى الزبير وطلحة (لا ينبغي التفكير في انضمامه إلى الذين اعتزلوا الحركة السياسة كسعد بن أبي وقاص، لأن الرجل كان عمل ومطامع) ولكنه كان من المهارة السياسية، بحيث لم يشك لحظة في أن أمر الزبير منحل، ولكنه لم ينضم إلى هذا الفرق أو ذلك الحزب، لأنه كان لا يرجو خيرا من دولة على، لأن عليا كان لا يريد إلا أن يحمل الناس على رأي نفسه، مدلا بنفسه في كل شئ، غير معول على غيره في رأي أو علم أو عمل، وأنه لا يرجى منه أن يسيرة أبي بكر وعمر - تلك السيرة التي كان عمادها الشورى في كل أمر - وأن أمثل عمرو لا يمكن أن يعتمد عليهم في عمل أو يستعين بهم في سلطانه، فهو يائس من خيره، ولأن عمرا