ب - الحالة السياسية استولى الرومان على مصر سنة 30 ق. م، فأصبحت كملك خاص للإمبراطورية، وفي عهدهم تحولت العناية إلى الزراعة، فكانت كأنها مخزن غلال لرومة تفي بحاجتها من الحبوب، فدرست آثارها، وانحطت درجة العلم كانت بها.
وكانت الدولة الرومانية وثنية، وفي عهدها دخل الدين المسيحي مصر كما ذكرنا فقاسى أتباعه الشدائد والمحن. وقد انتهت هذه الدولة (وهي الدولة الرابعة والثلاثون) بقيام طويوروسيس (378 - 395 م) وتقسيمه المملكة الرومانية بين أولاده سنة 395 م (1) ومن عهد هذه الدولة (وهي الخامسة والثلاثون) انتشرت الفتن الدينية. وكانت أفظع الفتن التي حلت بمصر في القرن الذي قبل الهجرة، ففيه تفاقم النزاع بين الملكية واليعاقبة.
وكثيرا ما سببت هذه الفتن النحس للأهالي، فقد زاد القيصر (نيرون) المال المقرر على البلاد المصرية، فأصاب الأهالي من جراء ذلك محن ثقيلة، فكثرت الفتن، وظهر العصيان، وقام الأهالي في الأزقة والحارات، وكثرت الحرائق في كثير من الجهات، واضمحل الأمن في القرى وكثر قطاع الطرق، ولم يكن لكل هذه البلايا من سبب سوى الاختلافات الدينية.