ب - عمرو وموقعة صفين كان معاوية بن أبي سفيان أعظم قرابة عثمان شأنا، وقد ولاه الشام عمر وعثمان فنال رضاءهما، وسار سيرة مرضية، فملك أفئدة الأهلين بحسن سياسته، وأصبح جند الشام رهن إشارته يأتمرون يأمره وينتهون بنهيه.
فلا عجب إذا أبى معاوية الاذعان للعزل أو الرضى بمبايعة علي وشدد في المطالبة بدم عثمان.
وكان معاوية رأسا لحزب بني أمية، الذي كان يطالب بدم عثمان، والذي كان يرمي في حقيقة الأمر منذ أيام عثمان إلى الاستئثار بالسلطان. ومع هذا فهذا الحزب لم يجهر بشئ من هذه الأطماع، وإنما انتحل أعذارا ظاهرة تسيغ له أن يقف من على موقف المحارب، أضف إلى هذا أن العداء بين بني هاشم وبني أمية قديم في الجاهلية، وأن الإسلام زاد هذا العداء، فإن بني حرب لم ينسوا ما كان من حمزه وما كان من على، كما أن بني هاشم لم ينسوا ما كان من هند يوم أحد، والعداء بين بني هاشم وبين أبي سفيان معروف باقي الأثر. وهذه الأعذار التي انتحلها معاوية هي:
1 - أن معاوية كان يتهم عليا بشئ من أمر عثمان.
2 - ولأن عليا آوى قتلة عثمان.
3 - ولأنه كان بين الرجلين نفور أدى إلى أن عليا رأى من أول واجباته عزل معاوية عن الشام - وليس ذلك من السهل على رجل اعتاد الإمارة والعزة.
وبعد انتصار علي بن أبي طالب في يوم الجمل توجه إلى الكوفة