ي - استقرار أمر مصر لعمرو ولى عمر بن الخطاب عمرو بن العاص على مصر ولاية مطلقة، بقي واليا عليها، قائما بالعدل محبوبا عند القبط وجنود العرب، ضابطا لبلاده أحسن ضبط، وقد قام في هذه المدة بكثير من الإصلاحات العظيمة، فنظم الإدارة، ونصب القضاة، ورسم الخطة الأولى في جباية الخراج، وعنى عناية كبرى بالأعمال الخاصة بهندسة الري، من كري الخلجان، وبناء مقاييس النيل، وإنشاء الأحواض والقناطر والجسور، فأقام لذلك العمال لا يفترون عن العمل صيفا وشتاء.
هذه هي السياسة التي سار عليها عمرو في مصر على نهج العدل، وعدم تحميل المصريين ما لا يطيقون، وبهذه الطريقة أتيح له تنفيذه أوامره على أهون سبيل، لأنه كان دائما يضع مصلحة المصريين نصب عينيه، ولم يأل جهدا في ترفيههم، وجلب الخير لهم، واكتساب محبتهم، فدانوا له بالطاعة، وأحبوا ولايته، فلم ير إحراج القبط فلا يطيعوه، عملا بالمثل القائل (إذا أردت أن لا تطاع فمر بما لا يستطاع).
وكان عمرو يأخذ من الخراج مما لا بد منه لإصلاح البلاد، ويأخذ لنفسه عطاء، ويعطي الأعطيات لأربابها، وما يبقى يرسله إلى الخليفة.
استقر لعمرو بن العاص أمر ملك مصر. فساس البلاد هذه السياسة الرشيدة، فلم يعامل القبط بمثل ما عاملهم به الروم من قبل، فلما فتح مصر لم يتعرض لهم في شئ البتة، فأطلق لهم حرية معتقدهم، وبرك لهم أرضهم، وأخذ على عاتقه حمايتهم، وأمنهم على أنفسهم ونسائهم وعيالهم، فشعروا براحة كبيرة لم يعهدوها منذ زمن طويل - ومما يدلك على حسن سياسة عمرو، إقراره قبط مصر على