2 - حصار عمرو لحصن بابليون ب - ومراسلة المقوقس عمرا بشأن الصلح لما تم للمسلمين النصر على الروم في واقعة عين شمس (هليوبوليس) سار عمرو لحصار حصن بابليون أو قصر الشمع في أوائل سبتمبر سنة 640 م وسنة 20 ه: أي زمن فيضان النيل. وكانت أسوار الحصن المتينة وأبراجه الشامخة يحيط بها النيل، وقد ارتفع ماؤه فامتلأ الخندق الذي حوله. وكان العرب مفتقرين لمعدات الحصار، بل وغير قادرين على استعمالها استعمالا يكفل لهم أن يلحقوا بالروم خسارة كبيرة. كل ذلك أطال أمد الحصار حتى بلغ سبعة أشهر - كما اتفق المؤرخون على ذلك.
لما حاصر المسلمون (بابليون) أو (باب إليون) كان بالحصن حاكم مصر المقوقس وكان قائد الحماية رجل يقال له الأعرج. ولم تكن قوته بأكثر من خمسة آلاف أو ستة آلاف مقاتل على ما رواه (بطلر) ولكنا نشك في صحة هذا العدد ونرجح أن يكون من هذا بكثير لورود إليه بكثيرة عقب الوقائع المتقدمة.
صف عمرو جند المسلمين حول الخندق ووضع عليه المنجنيق.
وهو أعظم آلات الحصار إذ ذاك، وقد جعل الروم للخندق أبوابا وجعلوا حسك الحديد (الأهرام الفارغة) موتدة بأفنية الأبواب، وظل القتال بين الفريقين شهرا كاملا. ولما رأى المقوقس الجد من العرب، وصبرهم على القتال، وأنهم سوف يقتحمون الحصن، خرج هو ونفر من قومه من الباب القبلي حتى لحقوا بالجزيرة، حيث أرسل المقوقس إلى عمرو ابن العاص:
إنكم قوم قد ولجتم في بلادنا، وألححتم على قتالنا، وطال مقامكم