ب - استكثار معاوية أن تكون مصر طعمة لعمرو ونشوء الجفاء بينهما خشي معاوية خروج عمرو عليه فأراد أن يدفع ما عسى أن يترتب على خروجه من النتائج، فكتب إليه وهو بمصر كتابا أراد فيه أن يقيد ما بيده من عهد الولاية حتى لا يجد مبررا للخروج عليه في وقت ما، وبذلك يأمن معاوية خروج عمرو عن طاعته، فأرسل إليه كتابا ضمنه هذه العبارة: (على أن ينقض شرط طاعة) فأدرك عمرو ما يرمي إليه معاوية، وكتب إليه: (على أن تنقض طاعة شرطا) فهذا القلب في العبارة قد قلب الحقيقة لصلح عمرو من أن الطاعة لا توجب التخلي عن مصر التي استكثرها معاوية عليه لما استقر له الأمر، فحاول الرجوع على عمرو بمصر، فأصلح بينهما معاوية بن حديج.
ولا يعلم إلا الله ما كان يحدث بين الرجلين من الخطوب والمحن لو تشبث معاوية بتغيير عهده.
وقد روى ابن عساكر أنه لما صار الأمر كله (1) في يدي معاوية استكثر طعمة مصر لعمرو ما عاش، ورأى عمرو أن الأمر كله قد صلح به وبتدبيره وبعنايته وسعيه فيه، وظن أن معاوية سيزيده الشام على مصر فلم يفعل معاوية، فتنكر له عمرو فاختلفا وتغالظا، وظن الناس أنه لا يجتمع أمرهما، ولكن قبل أن يتفاقم الخطب وتستعر نار الخلاف