الأول: قسم يدافع عن المذهب الموروث، مذهب الحرية ذي النظام البدوي البسيط كالذي كان في عهد أبي بكر وعمر - ذلك النظام الذي ما كان يصلح إلا في أيامهما، لا في ذلك العصر وقد تطورت الأمة العربية تطورات عديدة ومر بها أدوار سياسية كبيرة.
الثاني: قسم يدافع عن المذهب الجديد، مذهب تأسيس إمبراطورية إسلامية ذات نظام يلائم الحالة التي وصلت إليها الأمة العربية.
النتيجة الطبيعية لكل ذلك هي:
أولا: وقوع الحرب ثانيا: انتصار أصحاب المذهب الجديد الذي يؤيد زعماءه من العرب أهل الشام والفرس، على أصحاب المذهب القديم الذي يميل إليه كثيرون من أهل بلاد العرب، ولا سيما أشد أصحاب النبي عليه السلام تورعا وحرصا على السنة الموروثة، كسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وغيرهما ممن اعتزلوا الفتنة.
وإن التاريخ يعيد نفسه كما يقولون، فقد دخلت الرومان في نفس هذه التطورات حين امتدت فتوحهم في آسيا وإفريقية وأوروبا وعظم ملكهم، فقامت الحروب الأهلية التي انتهت بإحلال النظام الإمبراطوري محل النظام الجمهوري القديم.
أما ما كان من أمر عمرو ومعاوية، فقد أفادتهما هذه الظروف التي خدمت معاوية بقتل عثمان، فتلمس المعين على مناوأة علي، وتذرع بإلباسه جناية عثمان، ووجد عمرو سبيلا إلى معونة معاوية لأغراض