و - عمرو وغزو الفيوم وواقعة عين شمس اضطربت كلمة المؤرخين في ترتيب وقائع الفتح الإسلامي لمصر اضطرابا لا يقل عنه في ترتيب وقائع الشام، وأغفل بعضهم ذكر بعض الوقائع الهامة، ومن ذكرها منهم فقد مر عليها مسرعا بطريقة لا تشفي الغلة، ولا تكشف اللثام عن كنه الحقيقة، ولا يتيسر لنا بذلك الاقرار بصحة ما ذكروه أو دحض ما قالوه، وللأسف لم يقتصر هذا الأمر على مؤرخي العرب فحسب، بل تعداهم إلى غيرهم من الفرنجة.
ولكنه عند هؤلاء أخف وطأه منه عند العرب. وقد رأينا أن نأتي بما ذكره بعض هؤلاء المؤرخين عن ترتيب هذه الوقائع، ثم نأتي برأينا ونؤيده بالأسباب التي حملتنا على هذا الاقرار. وليكن كلامنا على غزو الفيوم وواقعة عين شمس. اللتين هما جوهر الخلاف بين المؤرخين فنقول:
من المؤرخين من ذكر وقائع مصر على هذا الترتيب: العريش.
الفرما. بلبيس. أم دنين. بابليونو. وهم ابن عبد الحكم والمقريزي والسيوطي. والظاهر أن هؤلاء استقوا تواريخهم من مصدر واحد، وهو ابن عبد الحكم (وهو أقدم مؤرخي مصر) إذ العبارة واحدة لا تختلف حتى في اللفظ - وزاد عليهم (بطلر) أن غزو الفيوم وموقعة (هليوبوليس) كانتا قبل حصار بابليون أو قصر الشمع.
وقد ذكر الواقدي ورفيق بك العظم هذه الوقائع على الترتيب السابق عدا واقعة أم دنين فقد أغفلت. وكذلك واقعة عين شمس.
وذكر الطبري وعنه أخذ ابن خلدون الوقائع مرتبة على هذا النمط: الفرما. بلبيس. عين شمس. وقد زعما أن استيلاء عمرو على عين شمس. حيث كان جمع الروم (الذي نراه أنهما يقصدان بابليون) ومنها أرسل أبرهة بن الصباح إلى الفرما، وبعث عرف بن مالك إلى