1 - أ - كيف عرضت لعمرو فكرة فتح مصر، وكيفية مسيره إليها لما كانت سنة ثماني (1) من الهجرة (639) وقدم عمر بن الخطاب الجابية قام إليه عمرو بن العاص فخلا به فقال: يا أمير المؤمنين إئذن لي أن أسير إلى مصر، وحرضه عليها: (إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم، وهي أكثر الأرض أموالا وأعجزهم عن القتال والحرب)، فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمين وكره ذلك، فلم يزل عمرو يعظم أمرها عند عمر، ويخبره بحالها ويهون عليه فتحها حتى ركن إلى ذلك عمر، فعقد له على أربعة آلاف رجل كلهم من عك (2)، ويقال على ثلاثة آلاف وخمسمائة. فقال عمر: سر وأنا مستخير الله في مسيرك، وسيأتي كتابي إليك سريعا إن شاء الله تعالى، فإن أدركك كتابي وأمرتك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها، أو شيئا من أرضها فانصرف، وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك، واستعن بالله، واستنصره: فسار عمرو في جوف الليل، ولم يشعر به أحد من الناس، واستخار عمر الله فكأنه تخوف على المسلمين في وجههم ذلك. فأدرك الكتاب عمرا وهو برفح. أه (3).
ونحن نستبعد مسير عمرو في نفس اليوم الذي أذن له فيه عمر،