لأنفسهم من أحبوا. فقال له عمرو: إن الرأي ما رأيت وقال: يا أبا موسى أعلمهم بأن رأينا قد أجتمع واتفق. فتكلم أبو موسى: إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله عز وجل به أمر هذه الأمة.
فقال عمرو: صدق تقدم يا أبا موسى فتكلم. فتقدم أبو موسى ثم قال:
أيها الناس، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أصلح لأمرها ولم شعثها من أمر أجمع رأيي ورأيه عليه، وهو أن نخلع عليا ومعاوية فتستقبل هذه الأمة هذا الأمر فيولوا منهم من أحبوا عليهم، وأني قد خلعت عليا ومعاوية، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلا. ثم أقبل عمرو بن العاص فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه وقال! إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه، وأثبت صاحبي معاوية، فإنه ولي عثمان بن عفان رضي الله عنه، والطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه، فتنابزا، وركب أبو موسى راحلته ولحق بمكة، ثم انصرف أهل الشام إلى معاوية وسلموا عليه بالخلافة (1).
ونحن نشك في هذا ونميل إلى ما قاله المسعودي وهو (ج 1 ص 27) إنه لم يكن بين الحكمين غير ما كتب في الصحيفة، وإقرار أبي موسى بأن عثمان قتل مظلوما وغير ذلك، وأنهما لم يخطبا وإنما كتبا صحيفة فيها خلع علي ومعاوية، وأن يولي المسلمون من أحبوا.
وهنا تظهر قيمة عمرو السياسية، فإنه لم يكن يرمي مباشرة إلى استخلاف معاوية، لأنه كان يعلم أن هذا أمر لا ينال إلا بالسيف، وإنما كان يرمي: