إلى أن كان زمن عضد الدولة فناخسرو ابن بابويه الديلمي عمره عمارة عظيمة وخرج على ذلك أموالا جزيلة وهيئ له أوقافا، ولم تزل عمارته باقية إلى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، وكان قد ستر له عدة حيطان بخشب الساج المنقوش، فاحترقت تلك العمارة، وجددت عمارة المشهد، وقد بقى من عمارة عضد الدولة قليل وقبور آل بويه هناك ظاهرة مشهورة لم تحترق.
وقال السيد عباس المكي في كتابه (نزهة الجليس) بعد ما أنشد هذين البيتين:
يا صاحب القبة البيضاء على النجف * من زار قبرك واستشفي لديك شفي زوروا أبا الحسن المولى لعلكم * تحضون بالأجر والإقبال والشرف تشرفنا بزيارة الامام المؤيد بالنصر والفتوح وضجيعيه آدم ونوح، وقد عقدت عليهم قبة عظيمة، وأول من عقد هذه القبة عليهم عبد الله بن حمدا في دولة بني العباس، ثم عمرها الملوك من بعده.
أقول: وكانت بيضاء كما مر، ثم جاءت الملوك الصفوية وجعلوها خضراء، وأضاؤا بها القناديل والسرج وعمروا رواق عمران بن شاهين.
ولهذا الرواق قصة ذكرها السيد عبد الكريم بن طاووس في " فرحة الغري " ونقلها جماعة، وهي: ان عمران بن شاهين من أهل العراق عصى على عضد الدولة فطلبه طلبا حثيثا، فهرب منه إلى المشهد العلوي مختفيا، فرأى أمير المؤمنين " ع " في منامه وهو يقول: يا عمران في غد يأتي فناخسرو إلى هذا المكان، فيخرجون من فيه، فتقف أنت ها هنا - وأشار إلى زاوية من زوايا القبة - فإنهم لا يرونك، فسيدخل ويزور ويصلي ويبتهل في الدعاء والقسم بمحمد وآل محمد ان يظفره بك، فاذن منه وقل له:
أيها الملك من هذا الذي قد ألححت بمحمد وآله ان يظفرك به؟ فسيقول رجل شق عصاي ونازعني في ملكي وسلطاني، فقل ما لمن يظفرك به؟ فيقول ان حتم علي بالعفو عنه عفوت عنه، فأعلمه بنفسك، فإنك تجد منه ما تريد.
فكان كما قال له، فقال: أنا عمران بن شاهين، قال له من أوقفك ها هنا؟ قال:
مولانا قال في منامي: غدا بحضر فناخسرو إلى ها هنا، وأعاد عليه القول، فقال له: