وفي " مروج الذهب " للمسعودي مر ابن عباس بقوم ينالون من علي (ع) ويسبونه! فقال لقائده: ادنني منهم فأدناه فقال: أيكم الساب لله؟ قالوا نعوذ بالله ان نسب الله! فقال أيكم الساب لرسول الله (ص)؟ فقالوا نعوذ بالله ان نسب رسول الله فقال أيكم الساب علي بن أبي طالب؟ قالوا اما هذه فنعم! قال أشهد لقد سمعت رسول الله (ص) يقول: من سبني فقد سب الله، ومن سب عليا فقد سبني، فأطرقوا فلما ولى قال لقائده: كيف رأيتهم؟ فقال:
نظروا إليك بأعين مزورة * نظر التيوس إلى شفار الجازر فقال: زدني فداك أبي وأمي؟ فقال:
خزر العيون منكسي أذقانهم * نظر الذليل إلى العزيز القاهر فقال: زدني فداك أبي وأمي؟ فقال: أعندي مزيد ولكن عندي:
أحياءهم تحني على أمواتهم * والميتون فضيحة للقابر أقول: ونقل في (نور الأبصار) مثله، إلا أنه ذكر: ان القائد كان سعيد بن جبير (ره) ونقل الرواية عنه.
ونقل أيضا: دخل ضرار بن حمزة على معاوية بعد قتل أمير المؤمنين " ع " فقال صف لي عليا؟ فقال: اعفني، فقال أقسمت عليك لتصفه؟ قال: أما إذا كان ولا بد، فإنه: والله كان بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، ينفجر العلم من جوانبه، وتنفلق الحكمة من لسانه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل ووحشته، وكان غزير الدمعة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب، كان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا، لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييئس الضعيف من عدله، وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، قابضا على لحيته، يتململ تملل السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غري غيري، أبي تعرضت؟ أم إلي تشوقت؟
هيهات هيهات، قد طلقتك ثلاثا، لا راجعة لي فيك، فعمرك قصير، وخطرك كبير،