فاقبل ابن ملجم لعنه الله وكان عداده في كندة حتى قدم الكوفة فلقي بها أصحابه فكتمهم امره مخافة ان ينتشر منه شئ، فهو في ذلك إذ زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب فصادف عنده قطام بنت أخضر التيمية، وكان أمير المؤمنين (ع) قتل أباها وأخاها بالنهروان، وكانت من أجمل النساء، فلما رآها ابن ملجم لعنه الله، شغف بها واشتد اعجابه، فسأل في نكاحها وخطبها! فقالت له ما الذي تسمى لي من الصداق؟ فقال لها احتكمي ما بدا لك؟ فقالت له انا محكمة عليك ثلاثة آلاف درهم ووصيفا وخادما وقتل علي بن أبي طالب! قال فانى لي بذلك، فقالت تلتمس غرته فان أنت قتلته شفيت نفسي وهناك العيش معي، وان قتلت فما عند الله خير لك من الدنيا فقال انا والله ما أقدمني هذا المصر وقد كنت هاربا منه لا آمن من أهله إلا ما سألتيني من قتل علي بن أبي طالب فلك ما سألت! قالت فانا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك ويقويك! ثم بعثت إلى وردان بن خالد من تيم الرباب فخبرته الخبر وسألته المعاونة لابن ملجم، فاحتمل ذلك لها.
فخرج ابن ملجم فاتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بحرة فقال له يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟! قال وما ذاك؟ قال تساعدني على قتل علي بن أبي طالب وكان شبيب على رأي الخوارج، فقال له يا بن ملجم هبلتك الهبول لقد جئت شيئا إدا وكيف نقدر على ذلك؟ فقال له ابن ملجم نكمن له في المسجد الأعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به! فان نحن قتلناه شفينا أنفسنا وأدركنا ثارنا!
فلم يزل به حتى اجابه! فاقبل معه حتى دخل المسجد على قطام وهي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة! فقال لها قد اجتمع رأينا على هذا الرجل فقالت لهما فإذا أردتما ذلك فأتياني في هذا الموضع، فانصرفا من عندها.
فلبثا أياما ثم أتياها ومعهما الآخر ليلة الأربعاء لتسع عشرة ليلة خلون من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، فدعت لهم بحرير فعصبوا به صدورهم وتقلدوا سيوفهم ومضوا فجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين (ع) إلى الصلاة!
وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل