وخرج أبو ذر فقال: انصرفوا فان بنت رسول الله قد أخر اخراجها في هذه العشية، فقام الناس وانصرفوا.
فلما ان هدأت العيون ومضى ثلث من الليل أخرجها علي والحسن والحسين (ع) وعمار والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذر وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم وخواصه، صلوا عليها ودفنوها في جوف الليل وسوى علي حواليها قبورا مزورة مقدار سبعة، حتى لا يعرف قبرها.
وقال بعضهم من الخواص: قبرها سوي مع الأرض مستويا، فمسحها مسحا سواء مع الأرض حتى لا يعرف أحد موضعه.
وقالوا: ليس قبرها بالبقيع، انما قبرها بين رسول الله " ص " ومنبره، لا بالبقيع، وتصحيح ذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة انما أراد به قبر فاطمة " ع ".
وروي: ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قال عند دفن فاطمة " ع ": السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك والسريعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري ورق عن سيدة النساء تجلدي إلا ان لي في التأسي بعظم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تعز فلقد وسدتك في ملحود قبرك بعد ما فاضت بين نحري وصدري نفسك إنا لله وإنا إليه راجعون فلقد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة، أما حزني فسرمد واما ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم وستنبئك ابنتك فأحفها السؤال واستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها. هذا ولم يطل العهد ولم يخل الذكر والسلام عليكما سلام مودع. لا قال ولا سئم فان انصرف فلا عن ملالة وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله به الصابرين.
قال عبد الرحمن الهمداني: لما دفن علي " ع " فاطمة قام على شفير القبر وذلك في جوف الليل وأنشأ يقول:
لكل اجتماع من خليلين فرقة * وكل الذي دون الفراق قليل وان افتقادي فاطم بعد احمد * دليل على أن لا يدوم خليل