أعلم العالمين). قال: (وقولهم الصفات الذاتية جهل منهم أيضا لان النسب إلى ذ آت دور).
وقال التاج الكندي في الرد على الخطيب ابن نباتة (1) في قوله: كنه ذاته، ذات بمعنى صاحبة تأنيث ذو، وليس لها في اللغة مدلول غير ذلك، واطلاق المتكلمين وغيرهم ا لذات بمعنى النفس خطأ عند المحققين. وتعقب بأن الممتنع استعمالها بمعنى صاحبة، أما إذا قطعت عن هذا المعنى واستعملت بمعنى الاسمية فلا محذور كقوله تعالى: (ان الله عليم بذات الصدور) (آل عمران 119) أي بنفس الصدور.
وقد حكى المطرزي (2) رحمه الله تعالى ان كل ذات شئ وكل شئ ذات. وقال الامام النووي رحمه الله تعالى في تهذيبه: (مراد الفقهاء بالذات الحقيقية) وهذا اصطلا ح المتكلمين وقد أنكره بعض الأدباء عليهم وقال إنه لا يعرف في لغة العرب ذات بمعنى الحقيقة (وانما ذات بمعنى صاحبة) وهذا الانكار منكر بل الذي قاله الفقهاء والمتكلمون صحيح فقد قال الإمام أبو الحسن الواحدي (في أول سورة الأنفال) في قوله تعالى: (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) قال: (أبو العباس أحمد بن يحيى) ثعلب: معنى ذات بينكم أي الحالة التي بينكم فالتأنيث عنده للحالة (وهو قول الكوفيين) وقال الزجاج: معنى ذات بينكم حقيقة وصلكم والمراد بالبين الوصل فالتقدير: فأصلحوا حقيقة وصلكم. قال الواحدي: فذات عنده بمعنى النفس (كما يقال ذات الشئ ونفسه). انتهى.
وعلى جواز ذلك مشى الامام البخاري فقال في كتاب التوحيد من صحيحه: (باب ما يذكر في الذات والنعوت) (3). فاستعملها على نحو ما تقدم من أن المراد بها نفس الشئ وحقيقته على طريقة المتكلمين في حق الله تعالى، ففرق بين النعوت والذات واستدل البخاري على ذلك بقول خبيب السابق. وتعقبه السبكي رحمه الله تعالى بأن خبيبا لم يرد أبا لذات الحقيقة التي هي مراد البخاري، وانما مراده: في سبيل الله أو في طاعته.