الباب السادس والأربعون في سرية مؤتة وهي بأدنى البلقاء دون دمشق في جمادى الأولى سنة ثمان قال محمد بن عمر: حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان واستعمل زيد بن حارثة، وقال: (ان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس فان قتل فليرتض المسلمون منهم رجلا فليجعلوه عليهم) (1). قال محمد بن عمر رحمه الله عن عمر بن الحكم عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صلى الظهر جلس، وجلس أصحابه حوله، وجاء النعمان بن مهض اليهودي فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (زيد بن حارثة أمير الناس فان قتل زيد فجعفر بن أبي طالب، فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة فان أصيب عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون رجلا منهم فليجعلوه عليهم). فقال النعمان بن مهض:
(يا أبا القاسم ان كنت نبيا فسميت من سميت قليلا أو كثيرا أصيبوا جميعا لان أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا استعملوا الرجل على القوم ثم قالوا إن أصيب فلان ففلان فلو سمى مائة أصيبوا جميعا) ثم إن اليهودي جعل يقول لزيد بن حارثة: (أعهد فإنك لا ترجع إلى محمد إن كان نبيا). قال زيد: (فاشهد انه رسول صادق بار).
وعقد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء أبيض ودفعه إلى زيد بن حارثة وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير وأن يدعوا من هناك إلى الاسلام فان أجابوا والا استعينوا عليهم بالله تبارك وتعالى وقاتلوهم.
ذكر طعن الصحابة في امارة زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه روى البخاري عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد (2) فطعن (بعض) الناس في امارته، وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعد ان حمد الله وأثنى عليه: (قد بلغني انكم قلتم في أسامة، ان تطعنوا في امارته فقد كنتم تطعنون في امارة أبيه من قبل، وأيم الله ان