جماع أبواب بعض الوفود إليه - صلى الله عليه وسلم - وبارك عليه الباب الأول في بعض فوائد سورة النصر قال ابن إسحاق: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف، وبايعت ضربت إليه وفود العرب من كل وجه، قال ابن هشام رحمه الله تعالى: حدثني أبو عبيدة ان ذلك في سنة تسع وأنها كانت تسمى سنة الوفود. قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى:
وانما كانت العرب تربص بالاسلام أمر هذا الحي من قريش وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم -، وذلك أن قريشا كانوا امام الناس وهاديتهم، وأهل البيت والحرم (وضريح ولد إسماعيل بن ا إبراهيم عليهما السلام) وقادة العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وخلافه، فما افتتحت مكة، ودانت له قريش، ودوخها الاسلام، عرفت العرب انه لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولا عداوته، فدخلوا في دين الله كما قال الله عز وجل - أفواجا يضربون إليه من كل وجه.
وفي صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه قال: (وكانت العرب تلوم باسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه فإنه ان ظهر عليهم فهو نبي صادق. فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم باسلامهم وبدر أبي قومي باسلامهم). وذكر الحديث.
وقد أفرد الحافظ العلامة الشيخ برهان الدين البقاعي رحمه الله تعالى الكلام على تفسير سورة النصر اعلاما بتمام الدين اللازم عن مدلول اسمها، اللازم عن موت النبي - صلى الله عليه وسلم - اللازم عنه العلم بأنه ما برز إلى عالم الكون والفساد الا لاعلاء كلمة الله تعالى واد حاض كلمة الشيطان، اللازم عنه انه - صلى الله عليه وسلم - خلاصة الوجود وأعظم عبد للمولى الودود وعلى ذلك دل أيضا اسمها على التوديع وحال نزولها وهو أيام التشريق من سنة حجة الوداع.
((بسم الله) الذي له الامر كله فهو العليم الحكيم، (الرحمن) الذي أرسلك رحمة للعالمين، فعمهم بعد نعمة الايجاد بأن بين لهم إقامة معاشهم ومعادهم بك طريق النجاة وغاية البيان بما أنزل عليك من معجز القرآن الذي من سمعه فكأنما سمعه من الله. (لرحيم) الذي خص من أراده بالاقبال به إلى حزبه وجعله من أهل قربه (بلزوم الصراط المستقيم) لما دلت التي قبلها على أن الكفار قد صاروا إلى حال لا عبرة لهم فيه ولا التفات إليهم، ولا خوف