الباب السادس والخمسون في سرية أبي عامر الأشعري رضي الله تعالى عنه إلى أوطاس بين غزوة حنين وغزوة الطائف روى الجماعة عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، وابن إسحاق عن رجاله عن سلمة بن الأكوع، وابن هشام عمن يثق به من أهل العلم، ومحمد بن عمر، وابن سعد عن رجالهم ان هوازن لما انهزموا يوم حنين ذهبت فرقة منهم فيهم رئيسهم مالك بن عوف النصري فلجأوا إلى الطائف فتحصنوا وصارت فرقة فعسكروا بمكان يقال له أوطاس: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه سرية وأمر عليهم أبا عامر الأشعري رضي الله تعالى عنه. ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة إلى الطائف فحاصرها، وتقدم ذلك في غزوة الطائف. قال أبو موسى رضي الله تعالى عنه: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عامر الأشعري على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله تعالى أصحابه.
قال أبو موسى بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي عامر، قال سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه، وابن هشام رحمه الله تعالى: لما نزلت هوازن عسكروا بأوطاس عسكرا عظيما وقد تفرق منهم من تفرق وقتل من قتل وأسر من أسر فانتهينا إلى عسكرهم، فإذا هم ممتنعون، فبرز رجل معلم يبحث للقتال، فبرز له أبو عامر فدعاه إلى الاسلام ويقول اللهم اشهد عليه فقال الرجل: اللهم لا تشهدوا علي. فكف عنه أبو عامر فأفلت ثم أسلم بعد فحسن اسلامه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه يقول: (هذا شريد أبي عامر). وقال ابن هشام: ورمى أبا عامر أخوان:
العلاء وأوفى ابنا الحارث من بني جشم بن معاوية فأصاب أحدهما قلبه والاخر ركبته قتلاه.
قال أبو موسى: رمي أبو عامر في ركبته رماه جشمي. وعند ابن عائذ، والطبراني بسند حسن عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه: قتل ابن دريد بن الصمة أبا عامر. قال ابن إسحاق: اسمه سلمة ولم أر له اسلاما.
وفي حديث سلمة ان العاشر ضرب أبا عامر فأثبته قال سلمة: فاحتملناه وبه رمق. وقال أبو موسى: فانتهيت إلى أبي عامر فقلت له: يا أبا عامر من رماك؟ فأشار إلى ا بي موسى وقال:
ذاكه قاتلي الذي رماني. وفي حديث سلمة بن الأكوع ان أبا عامر أعلم أبا موسى ان قاتله صاحب العصابة الصفراء. قال أبو موسى: فقصدت له فلحقته فلما رآني ولى فاتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي ألا تثبت؟ فكف فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته. ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك. قال: فانزع هذا السهم فنزعته، فنزا منه الماء. فقال: يا ابن أخي أقرئ النبي صلى الله عليه وسلم