الباب العاشر في بعثه صلى الله عليه وسلم سالم بن عمير رضي الله تعالى عنه في شوال من السنة الثانية إلى أبي عفك اليهودي من بني عمرو بن عوف وكان شيخا كبيرا قد بلغ مائة وعشرين سنة وكان يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول الشعر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لي بهذا الخبيث) (1). فقال سالم بن عمير، وكان قد شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد البكائين وتوفي في خلافة معاوية: (علي نذر أن أقتل أبا عفك أو أموت دونه).
فأمهل يطلب له غرة. فلما كانت ليلة صائفة نام أبو عفك بفناء منزله وعلم به سالم بن عمير، فأقبل ووضع السيف على كبده ثم اعتمد عليه حتى خش في الفراش وصاح عدو الله فثاب إليه ناس ممن نجم نفاقهم وهم على قوله، فأدخلوه منزله وقبروه، فقالت امامة المريدية في ذلك:
تكذب دين الله والمرء أحمد العمر الذي أمناك ان بئس ما يمني حباك حنيف آخر الليل طعنة أبا عفك خذها على كبر السن تنبيهات الأول: ذكر هذه القصة محمد بن عمر وابن سعد، وتبعهما في المورد والامتاع بعد التي قبلها. وقدمها ابن إسحاق وأبو الربيع.
الثاني: في بيان غريب ما سبق:
أبو عفك: بفتح العين المهملة والفاء الخفيفة وبالكاف، يقال رجل أعفك بين العفك أي أحمق.
أحد البكائين: تقدم الكلام عليهم في أوائل غزوة تبوك.
الغرة: بكسر الغين المعجمة وتشديد الراء المفتوحة: الغفلة.
بفناء المنزل: بكسر الفاء وبالنون والمد، ما امتد من جوانبه.
صائفة: حارة.