الباب الثامن في قدوم أسيد بن أبي أناس.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه لما بلغه انه هجاه، فأتى أسيد الطائف فأقام بها. فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة خرج سارية بن زنيم إلى الطائف، فقال له أسيد: ما وراءك؟ قال: (قد أظهر الله تعالى نبيه ونصره على عدوه، فان خرج يا ابن أخي إليه فإنه لا يقتل من أتاه).
فحمل أسيد امرأته وخرج وهي حامل تنتظر، وأقبل فألقت غلاما عند قرن الثعالب، وأتى أسيد أهله فلبس قميصا واعتم، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسارية بن زنيم قائم بالسيف عند رأسه يحرسه، فأقبل أسيد حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد أهدرت دم أسيد؟ قال: (نعم). قال: تقبل منه ان جاءك مؤمنا؟ قال: (نعم). فوضع يد ه في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (هذه يدي في يدك، أشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد ألا اله الا الله. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصرخ أن أسيد بن أبي أنا س قد آمن وقد أمنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه وألقى يد ه على صدره، فيقال ان أسيدا كان يدخل البيت المظلم فيضئ. وقال أسيد رضي الله تعالى عنه:
أأنت الفتى تهدي معدا لربها بل الله يهديها وقال لك أشهد فما حملت من ناقة فوق كورها أبر وأوفى ذمة من محمد وأكسى لبرد الحال قبل ابتذاله وأعطى لرأس السابق المتجرد تعلم رسول الله انك قادر على كل حي متهمين ومنجد تعلم بأن الركب ركب عويمر هم الكاذبون المخلفو كل موعد أنبوا رسول الله ان قد هجوته فلا رفعت سوطي إلي إذا يدي سوى أنني قد قلت يا ويح فتنة أصيبوا بنحس لا يطاق وأسعد أصابهم من لم يكن لدمائهم كفيئا فعزت حسرتي وتنكدي دويبا وكلثوما وسلما وساعدا جميعا بأن لا تدمع العين تكمد فلما أنشده: (أأنت الذي تهدي معدا لدينها)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بل الله يهديها)، فقال الشاعر: (بل الله يهديها وقال لك اشهد). رواه ابن شاهين عن المدائني عن رجاله عن عدة طرق.
تنبيهات الأول: هذه القصة والأبيات ذكرها الواقدي والطبراني لأنس بن زنيم. قال الحافظ في