الباب الثامن والستون في وفود بني عذرة إليه صلى الله عليه وسلم قال محمد بن عمر، وابن سعد رحمهما الله تعالى: قالوا: قدم على رسول الله صلى ا لله عليه وسلم في صفر سنة تسع وفد بني عذرة اثنا عشر رجلا فيهم جمرة بن النعمان العذري، وسليم، وسعد ابنا مالك، ومالك بن أبي رباح، فنزلوا دار رملة بنت الحدث النجارية. ثم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسلموا بسلام أهل الجاهلية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من القوم؟) فقال متكلمهم:
من لا ننكر، نحن بنو عذرة اخوة قصي لامه، (نحن الذين عضدوا قصيا) وأزاحوا من بط ن مكة خزاعة وبني بكر ولنا قرابات وأرحام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مرحبا بكم وأهلا، ما أعرفني بكم فما يمنعكم من تحية الاسلام؟) قالوا: كنا على ما كان عليه آباؤنا، فقدمنا مرتادين لأنفسنا ولقومنا. وقالوا: الام تدعو؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأن تشهدوا أني رسول الله إلى الناس جميعا) أو قال: (كافة). فقال متكلمهم: فما وراء ذلك من الفرائض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أدعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأن تشهدوا الصلوات تحسن طهورهن وتصليهن إلى مواقيتهن فإنه أفضل العمل). ثم ذكر لهم سائر الفرائض من الصيام والزكاة والحج. فقال المتكلم: الله أكبر، نشهد ألا اله الا الله وأنك رسول الله، قد أجبناك إلى ما دعوت إليه ونحن أعوانك وأنصارك، يا رسول الله ان متجرنا الشام وبه هرقل فهل أوحي إليك في أمره بشئ؟ فقال: (أبشروا فان الشام ستفتح عليكم ويهرب هرقل إلى ممتنع بلاده). ونهاهم صلى الله عليه وسلم عن سؤال الكاهنة. فقد قالوا: يا رسول الله ان فينا امرأة كاهنة قريش والعرب يتحاكمون إليها فنسألها عن أمور. فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تسألوها عن شئ). فقال متكلمهم: الله أكبر، ثم سأله عن الذبح الذي كانوا يذبحون في الجاهلية لأصنامهم. فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها. وقال: (لا ذبيحة لغير الله عز وجل، ولا ذبيحة عليكم في سنتكم الا واحدة). قال: وما هي؟ قال: (الأضحية ضحية العاشر من ذي الحجة، تذبح شاة عنك وعن أهلك). وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء من أمر دينهم فأجابهم فيها. وأقاموا أياما. ثم انصرفوا إلى أهليهم وأمر لهم بجوائز كما كان يجيز الوفد، وكسا أحدهم بردا. وروى ابن سعد رحمه الله تعالى عن ملج بن المقداد بن زمل العذري وغيره قالوا: وفد زمل بن عمرو والعذري على النبي صلى الله عليه وسلم فعقد له لواء على قومه وأنشأ يقول حين وفد على النبي صلى الله عليه وسلم:
إليك رسول الله أعملت نصها أكلفها حزنا وقوزا من الرمل لأنصر خير الناس نصرا مؤزرا واعقد حبلا من حبالك في حبلي وأشهد أن الله لا شئ غيره أدين له ما أثقلت قدمي نعلي