الباب الرابع والتسعون في وفود همدان إليه صلى الله عليه وسلم قالوا: قدم وفد همدان على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم مقطعات الحبرات مكففة بالديباج، وفيهم حمزة بن مالك من ذي مشعار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم الحي همدان ما أسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد ومنهم أبدال وأوتاد الاسلام). فأسلموا وكتب لهم النبي صلى الله عليه وسلم كتابا بمخلاف خارف، ويام، وشاكر، وأهل الهضب، وحقاف الرمل من همدان لمن أسلم منهم (1).
وفي زاد المعاد: (وقدم عليه وفد همدان منهم مالك بن النمط، ومالك بن أيفع، وضمام بن مالك، وعمرو بن مالك فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند منصرفه من تبوك وعليهم مقطعات الحبرات والعمائم العدنية برحال الميس على الرواحل المهرية والأرحبية، ومالك بن النمط يرتجز بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول:
إليك جاوزن سواد الريف في هبوات الصيف والخريف مخطمات بحبال الليف وذكروا له كلاما حسنا فصيحا، فكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا أقطعهم فيه ما سألوه وأمر عليهم مالك بن النمط واستعمله على من أسلم من قومه، وأمره بقتال ثقيف وكا ن لا يخرج لهم سرح الا أغاروا عليه. وقد روى البيهقي باسناد صحيح من حديث ابن إسحاق عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الاسلام. قال البراء: فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الاسلام، فلم يجيبوه، ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأمره ان يعقب خالدا الا رجلا ممن كان مع خالد أحب ان يعقب مع علي فليعقب معه. قال البراء: فكنت فيمن عقب مع علي. فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا - فصلى بنا علي ثم صفنا صفا واحدا ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان جميعا. فكتب علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال: (السلام على همدان، السلام على همدان). وأصل الحديث في صحيح البخاري (2). وهذا أصح مما تقدم. ولم تكن همدان أن تقاتل ثقيفا ولا تغير على سرحهم فان همدان باليمن وثقيفا بالطائف).
وقال ابن إسحاق: (فقام مالك بن نمط بين يديه فقال: يا رسول الله نصية من همدان