الباب التاسع والثلاثون في وفود بني حنيفة ومسيلمة الكذاب معهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في زاد المعاد: (قال ابن إسحاق: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني حنيفة فيهم مسيلمة بن حبيب الكذاب) وكان منزلهم في دار امرأة من الأنصار من بني النجار، فأتوا بمسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستر بالثياب ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه في يده عسيب من سعف النخل، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسترونه بالثياب كلمه وسأله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو سألتني هذا العسيب الذي في يدي ما أعطيتكه) (1). قال ابن إسحاق: فقال لي شيخ من أهل اليمامة من بني حنيفة ان حديثه كان على غير هذا، زعم أن وفد بني حنيفة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفوا مسيلمة في رحالهم، فلما أسلموا ذكروا له مكانه فقالوا: يا رسول الله انا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا وركابنا، يحفظها لنا، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمر للقوم، وقال: (أما انه ليس بشركم مكانا) (2). يعني حفظه ضيعة أصحابه. (وذلك الذي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم). قال: ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءوا بالذي أعطاه. فلما قدموا اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وقال: اني قد أشركت في ا لأمر معه) ألم يقل لكم حين ذكرتموني له (أما انه ليس بشركم مكانا)؟ وما ذاك الا لما كان يعلم اني قد أشركت في الامر معه.
ثم جعل يسجع السجعان فيقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن. لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا. ووضع عنهم الصلاة وأحل لهم الخمر والزنا، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نبي فأصففت معه بنو حنيفة على ذلك.
قال ابن إسحاق: وقد كان كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله: أما بعد فاني قد أشركت في الامر معك وان لنا نصف الامر، وليس قريش قوما يعدلون). فقدم عليه رسوله بهذا الكتاب. فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) (3). وكان ذلك في آخر سنة عشر.