الباب السبعون في وفود عمرو بن معدي كرب الزبيدي إليه صلى الله عليه وسلم قدم عمرو بن معدي كرب في أناس من بني زبيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأ سلم، وكان عمرو قد قال لقيس بن مكشوح المرداي - وقيس بن أخته - يا قيس انك سيد قومك، وقد ذكر لنا أن رجلا من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول إنه نبي فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبيا كما يقول فإنه لن يخفى عنك، إذا لقيناه اتبعناه، وإن كان غير ذلك علمنا علمه. فأبى عليه قيس ذلك وسفه رأيه، فركب عمرو بن معدي كرب حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وصدقه وآمن به فلما بلغ ذلك قيسا أوعد عمرا (وتحطم عليه وقال خالفني وترك رأيي) فقال عمرو في ذلك شعرا أوله:
أمرتك يوم ذي صنعاء أمرا باديا رشده قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: فأقام عمرو بن معدي كرب في قومه من بني زبيد وعليهم فروة بن مسيك، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد عمرو. قال ابن سعد: ثم رجع إلى الاسلام وأبلى يوم القادسية وغيرها.
وذكر أبو عمرو من طريق ابن عبد الحكم قال: حدثنا الشافعي قال: وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وخالد بن سعيد بن العاص إلى اليمن وقال: (إذا اجتمعتما فعلي الأمير، وإذا افترقتما فكل واحد منكما أمير). فاجتمعا. وبلغ عمرو بن معدي كرب مكانهما، فأقبل في جماعة من قومه فلما دنا منهما قال: (دعوني حتى آتي هؤلاء القوم فاني لم أسم لاحد قط الا هابني. فلما دنا منهما نادى: أنا أبو ثور أنا عمرو بن معدي كرب.
فابتدره علي وخالد رضي الله تعالى عنهما، وكلاهما يقول لصاحبه: خلني وإياه، ويفديه بأبيه وأمه. فقال عمرو، إذ سمع قولهما: العرب تفزع بي وأراني لهؤلاء جزرة. فانصرف عنهما. وكان عمرو فارس العرب مشهورا بالشجاعة، وكان شاعرا محسنا فمما يستجاد من شعره قوله:
أعاذل عدتي يزني ورمحي وكل مقلص سلس القياد أعاذل انما أفنى شبابي إجابتي الصريخ إلى المنادي مع الابطال حتى سل جسمي وأقرح عاتقي ثقل النجاد ويبقى بعد حلم القوم حلمي ويفنى قبل زاد القوم زادي تمنى أن يلاقيني قييس وودت وأينما مني ودادي فمن ذا عاذري من ذي سفاه يرود بنفسه شر المراد