الباب السبعون في سرية المقداد بن الأسود رضي الله عنه إلى أناس من العرب روى البزار والدارقطني في الافراد، والطبراني والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وابن أبي شيبة، وابن جرير عن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى، قال ابن عباس: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد بن الأسود، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح، فقال: (أشهد ألا اله الا الله وحده لا شر يك له).
فأهوى إليه المقداد فقتله. فقال له رجل من أصحابه: (قتلت رجلا يشهد ألا اله الا الله، لأذكرن ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله ان رجلا شهد أن الا اله الا الله فقتله المقداد. فقال: (يا مقداد أقتلت رجلا يقول لا إله إلا الله فكيف لك بلا إله إلا الله غدا؟). فأنزل الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل) (النساء 94).
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد: (كان رجلا مؤمنا يخفي ايمانه مع قوم كفار، فأظهر ايمانه فقتلته، وكذلك كنت تخفي ايمانك بمكة). وقال سعيد بن جبير: فنزلت هذه الآية: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا) يعني الغنيمة.
تنبيهات الأول: تقدم في قصة أسامة قتله لمرداس: بن نهيك.
الثاني: اختلف في سبب هذه الآية.
(أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لحق ناس من المسلمين رجلا معه غنيمة له فقال: السلام عليكم. فقتلوه وأخذوا غنيمته، فنزلت: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا) إلى قوله: (عرض الحياة الدنيا) قال: تلك الغنيمة. قال: قرأ ابن عباس (السلام).
واخرج ابن أبي شيبة واحمد والطبراني والترمذي وحسنه وعبد بن حميد وصححه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: (مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسوق غنما له، فسلم عليهم، فقالوا: ما سلم علينا الا ليتعوذ منا،