الباب الثاني والعشرون في وفود بني ثعلبة إليه صلى الله عليه وسلم روى محمد بن عمر، وابن سعد (1) عن رجل من بني ثعلبة (عن أبيه) قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة سنة ثمان قدمنا عليه أربعة نفر، وافدين مقرين بالاسلام. فنزلنا دار رملة بنت الحارث، فجاءنا بلال فنظر إلينا فقال: أمعكم غيركم؟ قلنا: لا. فانصرف عنا، فلم يلبث الا يسيرا حتى أتانا بجحفة من ثريد بلبن وسمن، فأكلنا حتى نهلنا. ثم رحنا الظهر، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج من بيته ورأسه يقطر ماء، فرمى ببصره إلينا، فأسرعنا إليه، وبلال يقيم الصلاة.
فسلمنا عليه وقلنا: يا رسول الله نحن رسل من خلفنا من قومنا ونحن (وهم) مقرون بالاسلام وهم في مواشيهم وما يصلحها الا هم، وقد قيل لنا يا رسول الله: (لا اسلام لمن لا هجرة له). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حيثما كنتم واتقيتم الله فلا يضركم). وفرغ بلال من الاذان وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا الظهر، لم نصل وراء أحد قط أتم صلاة ولا أوجه منه، ثم انصرف إلى بيته فدخل فلم يلبث أن خرج إلينا فقيل لنا: صلى في بيته ركعتين. فد عا بنا فقال:
(أين أهلكم؟) فقلنا قريبا يا رسول الله هم بهذه السرية، فقال: (كيف بلادكم؟) فقلنا مخصبون.
فقال: (الحمد لله).
فأقمنا أياما وتعلمنا القرآن والسنن وضيافته صلى الله عليه وسلم تجري علينا، ثم جئنا نودعه منصرفين فقال لبلال: (أجزهم كما تجيز الوفود). فجاء بنقر من فضة فأعطى كل رجل منا خمس أواق وقال: ليس عندنا دارهم فانصرفنا إلى بلادنا.