معه حتى إذا أمكنني حملت عليه السيف فقتلته وأخذت رأسه. ثم أقبلت فصعدت جبلا فدخلت غارا وأقبل الطلب من الخيل والرجال تمعج في كل وجه وأنا مكتمن في الغار، وضربت العنكبوت على الغار.
وأقبل رجل معه أدواته ونعله في يده وكنت خائفا. فوضع أدواته ونعله وجلس يبول قريبا من فم الغار، ثم قال لأصحابه: ليس في الغار أحد، فانصرفوا راجعين، وخرجت إلى الادواة فشربت ما فيها وأخذت النعلين فلبستهما. فكنت أسير الليل وأكمن النهار حتى جئت المدينة، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فلما رآني قال: (أفلح الوجه). فقلت: وأفلح وجهك يا رسول الله). فوضعت الرأس بين يديه وأخبرته خبري، فدفع إلى عصا وقال: (تخصر بها في الجنة فان المتخصرين في الجنة قليل). فكانت العصا عند عبد الله بن أنيس حتى إ ذا حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوا العصا في أكفانه. ففعلوا ذلك. قال ابن عقبة: فيزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بقتل عبد الله بن أنيس، سفيان بن خالد، قبل قدوم عبد الله بن أنيس رضي الله تعالى عنه.
تنبيهان الأول: تردد الامام محب الدين الطبري رحمه الله تعالى في عبد الله بن أنيس قاتل سفيان بن خالد لا معنى له، لأنه هو الجهني بلا تردد، وهو أشهر ذكرا من الخمسة الذين وافقوه في الاسم واسم الأب من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
الثاني: في بيان غريب ما سبق:
أنيس: بضم أوله وفتح النون وسكون التحتية.
الجهني: بضم الجيم وفتح الهاء وبالنون، القضاعي: بضم القاف وبالضاد المعجمة الساقطة وبالعين المهملة، وجهينة في قضاعة.
الحليف: كأمير المحالف.
بنو سلمة: بكسر اللام.
سفيان: بالحركات الثلاث بعدها فاء.
نبيح: بضم النون وفتح الموحدة وسكون التحتية وبالحاء المهملة.
الهذلي: بضم الهاء وفتح الذال المعجمة.
عرنة: بضم العين المهملة وفتح الراء والنون فتاء تأنيث موضع بقرب عرفة موقف الحجيج.