الباب الثالث في اعتذاره عن تخلفه عن صحبة السرايا صلى الله عليه وسلم واعطائه سلاحه لمن يقاتل به عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله ابدا، ولكن لا أجد سعة فاحملهم ولا يجدون سعة فيتبعوني، ويشق عليهم ان يقعدوا بعدي) - وفي لفظ: (ولا تطيب أنفسهم ان يتخلفوا عني - (والذي نفسي بيده لوددت اني أغزو في سبيل الله وأقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا) (1) بتكريره ست مرات، رواه الإمامان مالك واحمد والشيخان والنسائي وابن ماجة.
وعن (جبلة بن حارثة) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يغز أعطى سلاحه عليا أو أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما (2)، رواه أحمد وأبو يعلى.
تنبيهات الأول: الحكمة في بيان ايراد قوله: (والذي نفسي بيده) مرة ثانية عقب الأولى إرادة تسلية الخارجين في الجهاد عن مرافقته صلى الله عليه وسلم، فكأنه قال: الوجه الذي تسيرون فيه له من الفضل ما أتمنى لأجله ان أقتل مرات، فمهما فاتكم من مرافقتي والقعود معي من الفضل، يحصل لكم مثله أو فوقه من فضل الجهاد، فراعى خواطر الجميع. وقد خرج صلى الله على يه وسلم في بعض المغازي، وتخلف عن المشار إليهم وكان ذلك حيث (رجحت) مصلحة خروجه على مراعاة حالهم.
الثاني: استشكل صدور هذا التمني من النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لا يقتل، وأجيب بأن تمني الفضل والخير لا يستلزم الوقوع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (وددت لو أن موسى صبر) (3)، فكأنه صلى الله عليه وسلم أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المسلمين عليه.
الثالث: قال النووي رحمه الله تعالى: (في هذا الحديث حسن النية وبيان شدة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم واستحباب القتل في سبيل الله تعالى، وجواز قول وددت