الباب الثالث والستون في سرية علقمة بن مجزز المدلجي رضي الله تعالى عنه إلى الحبشة قال ابن سعد في شهر ربيع الاخر (سنة تسع) وقال محمد بن عمر الأسلمي، والحاكم:
في صفر. قال ابن سعد: قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ناسا من الحبشة تراآهم أهل الشعيبة في ساحل جدة بناحية مكة في مراكب. فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز في ثلثمائة فانتهى إلى جزيرة في البحر، وقد خاض إليهم في البحر فهربوا منه، فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهليهم فأذن لهم.
وروى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز. قال أبو سعيد الخدري وأنا فيهم حتى إذا بلغنا رأس غزاتنا أن كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش واستعمل عليهم عبد الله بن حذافة السهمي. وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت فيه دعابة. فنزلوا ببعض الطريق وأوقدوا نارا يصطلون عليها ويصطنعون. فقال: عزمت عليكم الا تواثبتم في هذه النار. فقام بعضهم فتحجز وا حتى ظن أنهم واثبون فيها. فقال لهم: اجلسوا انما كنت أضحك معكم. فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه) (1).
وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فاستعمل عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم ان يسمعوا له ويطيعوا فأغضبوه في شئ فقال: اجمعوا لي حطبا، فجمعوا له، ثم قال: أوقدوا نارا. فأوقدوا نارا ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى. قال: فادخلوها. فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: انا فرر نا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار. فكان كذلك حتى سكن غضبه، وطفئت النار. فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال: (لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا). وقال: (لا طاعة في معصية الله انما الطاعة في المعروف) (2) رواه الشيخان.
ورجع علقمة بن مجزز هو وأصحابه ولم يلق كيدا.
تنبيهان الأول: قول سيدنا علي رضي الله تعالى عنه: واستعمل عليهم رجلا من الأنصار (وهم من بعض الرواة وانما هو سهمي).