الباب التاسع والستون في بعث خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه إلى بني عبد المدان، كذا عند ابن سعد في السرايا وهم من بني الحارث بن كعب بنجران في شهر ربيع الاخر أو جمادى الأولى سنة عشر.
قالوا: بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وأمره ان يدعوهم إلى الاسلام قبل أن يقاتلهم، ثلاثة أيام. فان استجابوا فاقبل منهم وان لم يفعلوا فقاتلهم. فخرج إليهم خالد حتى قدم عليهم، فبعث الركبان يضربون في كل وجه، ويدعون إلى الاسلام ويقولون: (أيها الناس، أسلموا تسلموا). فأسلم الناس ودخلوا فيما دعوا إليه. فأقام فيهم خالد بن الوليد يعلمهم شرائع الاسلام وكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ثم كتب خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم (من خالد بن الوليد) السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فاني احمد إليك الله الذي لا اله الا هو. أما بعد يا رسول الله صلى الله عليك، فإنك بعثتني إلى بني الحارث بن كعب، وأمرتني إذا أتيتهم ألا أقاتلهم ثلاثة أيام وأن ادعوهم إلى الاسلام فان أسلموا قبلت منهم وعلمتهم معالم الاسلام وكتاب الله وسنة نبيه، وان لم يسلموا قاتلتهم. واني قدمت عليهم فدعوتهم إلى ا لاسلام ثلاثة أيام كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعثت فيهم ركبانا ينادون: يا بني الحارث أسلموا تسلموا.
فأسلموا ولم يقاتلوا، واني مقيم بين أظهرهم آمرهم بما أمرهم الله به وأنهاهم عما نهاهم الله عنه، واعلمهم معالم الاسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم (والسلام عليك يا رسول الله ورحمته وبركاته).
فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد ا لنبي رسول الله إلى خالد بن الوليد. سلام عليك فاني أحمد إليك الله الذي لا اله الا هو، أما بعد فان كتابك جاءني مع رسولك يخبر ان بني الحارث بن كعب قد أسلموا وشهدوا ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قبل أن تقاتلهم، وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الاسلام وان قد هداهم الله بهداه، فبشرهم وأنذرهم وأقبل وليقبل معك وفدهم، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته).
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:
عبد المدان: (المدان): كسحاب صنم بنجران.
(نجران): كفعلان: موضع باليمن فتح سنة عشر، سمي بنجران بن زيد بن سبأ.
الركبان: جمع لراكب البعير خاصة.
يضربون: يسيرون سراعا غازين.