الباب الثاني والأربعون في سرية غالب بن عبد الله الليثي رضي الله تعالى عنه إلى بني الملوح بالكديد في صفر سنة ثمان روى ابن إسحاق والإمام أحمد وأبو داود من طريق محمد بن عمر، وابن سعد رحمهم الله تعالى عن جندب بن مكيث الجهني رضي الله تعالى عنه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الليثي، ليث كلب بن عوف في سرية كنت فيهم، وأمره أن يشن الغارة على بني الملوح بالكديد، وهم من بني ليث. قال: فخرجنا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحارث بن البرصاء (الليثي) فأخذناه فقال: انما جئت أريد الاسلام وانما خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا لن يضرك رباط يوم وليلة ان كنت تريد الاسلام وان يكن غير ذلك فنستوثق منك. قال: فشددناه وثاقا وخلفنا عليه رويجلا منا أسود، يقال له سويد بن منحر، وقلنا إن نازعك فاحتز رأسه. ثم سرنا حتى أتينا الكديد عند غروب الشمس، فكمنا في نا حية الوادي، وبعثني أصحابي ربيئة لهم، فخرجت حتى أتيت تلا مشرفا على الحاضر يطلعني عليهم حتى إذا أسندت فيه وعلوت رأسه انبطحت - وفي رواية: فاضطجعت على بطني - قال: فوالله اني لأنظر إذا خرج رجل منهم من خباء له، فقال لامرأته: اني ارى على هذا التل سوادا ما رأيته عليه صدر يومي هذا فانظري إلى أوعيتك لا تكون الكلاب جرت منها شيئا.
قال: فنظرت، فقالت: والله ما أفقد من أوعيتي شيئا. فقال لامرأته: ناوليني قوسي ونبلي. فناولته قوسه وسهمين معها، فأرسل سهما فوالله ما أخطأ به جنبي - ولفظ ابن إسحاق، وابن سعد: بين عيني - قال: فانتزعته وثبت مكاني. ثم رمى بالآخر فخالطني به - ولفظ ابن إسحاق، وابن سعد: فوضعه في منكبي - فانتزعته فوضعته وثبت في مكاني. فقال لامرأته: والله لو كان ربيئة لقد تحرك بعد، لقد خالطه سهمان لا أبا لك، فإذا أصبحت فابتغيهما لا تمضغهما الكلاب.
قال: ثم دخل الخباء، وراحت ماشية الحي من ابلهم وأغنامهم، فلما احتلبوا وعطنوا واطمأنوا فناموا شننا عليهم الغارة فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية واستقنا النعم والشاء فخرجنا نحدرها قبل المدينة حتى مررنا بابن البرصاء فاحتملناه واحتملنا صاحبنا وخرج صريخ القوم في قو مهم فجاءنا ما لا قبل لنا به، فجاءنا القوم حتى نظروا إلينا ما بيننا وبينهم الا الواد ي وهم موجهون إلينا إذا جاء الله تعالى بالوادي من حيث شاء بماء يملأ جنبتيه، وأيم الله ما ر أينا قبل ذلك سحابا ولا مطرا فجاء بما لا يستطيع أحد أن يجوزه، فلقد رأيتهم وقوفا ينظرون إلينا وقد أسندناها في المشلل (نحدرها) وفي لفظ في المسيل - وفتناهم (فوتا) لا يقدرون فيه على طلبنا، ثم قدمنا