الباب الخامس والأربعون في وفود دوس إليه صلى الله عليه وسلم قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة من دوس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مرحبا أحسن الناس وجوها وأطيبهم أفواها وأعظمهم أمانة (1)) رواه الطبراني بسند ضعيف.
قال في زاد المعاد: قال ابن إسحاق: كان الطفيل بن عمرو والدوسي (2) يحدث انه قدم مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها. فمشى إليه رجال من قريش، وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا فقالوا له: يا طفيل انك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا فرق جماعتنا وشتت أمرنا، وانما قوله كالسحر يفرق بين المرء وابنه، وبين المرء وأخيه وبين الرجل وزوجه، وانا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا فلا تكلمه ولا تسمع منه. قال: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئا ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرقا من أن يبلغني شئ من قوله.
قال: فغدوت إلى المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة، فقمت قريبا منه، فأبى الله الا أن يسمعني بعض قوله، فسمعت كلاما حسنا فقلت في نفسي واثكل أمياه، والله اني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول؟ فإن كان ما يقول حسنا قبلت وإن كان قبيحا تركت.
قال: فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته فتبعته حتى إذا د خل بيته، دخلت عليه فقلت: يا محمد ان قومك قد قالوا لي كذا وكذا، فوالله ما برحوا يخوفوني أ مرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك، ثم أبى الله الا ان يسمعنيه فسمعت قولا حسنا فاعرض علي أمرك. فعرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام وتلا علي القرآن فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه ولا أمرا أعدل منه فأسلمت وشهدت شهادة الحق وقلت: يا نبي الله اني امرؤ مطاع في قومي واني راجع إليهم فداعيهم إلى الاسلام، فادع الله لي أن يجعل لي آية تكون عونا لي عليهم فيما أدعوهم إليه. فقال: (اللهم اجعل له آية).
قال: فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح قلت: اللهم في غير وجهي، اني اخشى أن يظنوا انها مثلة وقعت في وجهي