بغلا إلى الطائف واشترط عليه المكري ان ينزله حيث شاء قال: فمال به إلى خربة فقال له: انزل، فنزل فإذا في الخربة قتلى كثيرة. قال: فلما أراد ان يقتله قال له: دعني أصلي ركعتين. قال:
صل، فقد صلى هؤلاء قبلك فلم تنفعهم صلاتهم شيئا. قال فلما صليت أتاني ليقتلني. قال فقلت: (يا أرحم الراحمين). قال فسمع صوتا قال: لا تقتله. قال: فهاب ذلك فخرج يطلب أحدا فلم ير شيئا، فرجع إلى، فناديت: يا أرحم الراحمين، ففعل ذلك ثلاثا. فإذا أنا بفارس على فرس في يده حربة من حديد في رأسها شعلة من نار فطعنه بها فأنفذها من ظهره فوقع ميتا. ثم قال لي: (لما دعوت المرة الأولى يا أرحم الراحمين كنت في السماء السابعة، فلما دعوت المرة الثانية يا أرحم الراحمين كنت في السماء الدنيا فلما دعوت المرة الثالثة يا أرحم الراحمين أتيتك). انتهى. فهذا كما ترى غير متصل فلا يقاوم ما في الصحيح.
الثالث: قال السهيلي رحمه الله تعالى: (وانما صار فعل خبيب رضي الله تعالى عنه سنة (حسنة). والسنة انما هي أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله واقرا ره غيره على قول أو فعل لان خبيبا فعلهما في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحسن ذلك من فعله.
الرابع: قال في الروض: (فان قيل: فهل أجيبت فيهم دعوة خبيب؟ والدعوة على تلك الحال من مثل ذلك العبد مستجابة. قلنا: أصابت منهم من سبق في علم الله ان يموت كافرا، ومن أسلم منهم فلم يعنه خبيب ولا قصده بدعائه، ومن قتل منهم كافرا بعد هذه الدعوة فإنما قتلوا بددا غير معسكرين ولا مجتمعين كاجتماعهم في أحد، وقبل ذلك في بدر، وإن كانت الخندق بعد قصة خبيب فقد قتل فيها منهم آحاد متبددون، ثم لم يكن لهم بعد ذلك جمع ولا معسكر غزوا فيه فنفذت الدعوة على صورتها وفيمن أراد خبيب رحمه الله تعالى وحاشا له أن يكره ايمانهم واسلامهم.
الخامس: قول سيدنا خبيب: (ذلك في ذات الاله) إلى آخره قال أبو القاسم الراغب:
(الذات تأنيث ذو وهي كلمة يتوصل بها إلى الوصف بأسماء الأجناس والأنواع وتضاف إلى الظاهر دون المضمر وتثنى وتجمع ولا يستعمل شئ منها الا مضافا وقد يسبقها لفظ الذات لعين الشئ، واستعملوها مفردة ومضافة وأدخلوا عليها الألف واللام وأجروها مجرى النفس والخاصة (فقالوا ذاته ونفسه وخاصته) وليس ذلك من كلام العرب). وقال القاضي: ذات الشئ نفسه وحقيقته. وقد استعمل أهل الكلام (الذات) بالألف واللام وغلطهم أكثر النحاة وجوزه بعضهم لأنها ترد بمعنى النفس وحقيقة الشئ، وجاء في الشعر لكنه شاذ. وقال ابن برهان - بفتح الباء الموحدة - (اطلاق المتكلمين الذات في حق الله تعالى من جهلهم لان ذات تأنيث ذو، وهو جلت عظمته لا يصح له الحاق تأنيث، ولهذا امتنع أن يقال علامة وا ن كان