الباب الثامن والسبعون في وفود فزارة إليه صلى الله عليه وسلم روى ابن سعد (1)، والبيهقي عن أبي وجزة يزيد بن عبيد السعدي رضي الله تعالى عنه قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك وكانت سنة تسع قدم عليه وفد بني فزارة، بضعة عشر رجلا، فيهم خارجة بن حصن، والحر بن قيس بن حصن وهو أصغرهم - وهم مسنتون - على ركاب عجاف، فجاءوا مقرين بالاسلام. فنزلوا دار رملة بنت الحدث. وسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بلادهم، فقال أحدهم: يا رسول الله، أسنتت بلادنا، وهلكت مواشينا، وأجدب جنابنا، وغرث عيالنا، فادع لنا ربك يغيثنا، واشفع لنا إلى ربك، وليشفع لنا ربك إليك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبحان الله، ويلك، هذا أنا أشفع إلى ربي عز وجل فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه؟ لا اله الا هو العلي العظيم وسع كرسيه السماوات والأرض فهي تئط من عظمته وجلا له كما يئط الرحل الجديد). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان الله عز وجل ليضحك من شففكم وأزلكم وقرب غياثكم). فقال الأعرابي: يا رسول الله، ويضحك ربنا عز وجل؟ فقال: (نعم).
فقال الأعرابي: لن نعدمك من رب يضحك خيرا. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله، وصعد المنبر فتكلم بكلمات، وكان لا يرفع يديه في شئ من الدعاء الا في الاستسقاء. فرفع يديه حتى رئي بياض إبطيه وكان مما حفظ من دعائه: (اللهم اسق بلادك وبهائمك وانشر ر حمتك وأحي بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مرئيا طبقا واسعا، عاجلا غير آ جل، نافعا غير ضار، اللهم اسقنا رحمة ولا تسقنا عذابا ولا هدما ولا غرقا ولا محقا، اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء). فقام أبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري رضي الله تعالى عنه فقال: يا رسول الله، التمر في المربد، وفي لفظ المرابد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اسقنا) فعاد أبو لبابة لقوله، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لدعائه. فعاد أبو لبابة أيضا فقال: التمر في المربد يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره). قالوا: ولا والله ما نرى السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، فطلعت من وراء سلع سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطر ت. قال:
فلا والله ما رأينا الشمس سبتا. وقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره لئلا يخرج التمر منه.
فجاء ذلك الرجل أو غيره فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فدعا ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه ثم قال: (اللهم حوالينا ولا علينا،