وروى ابن إسحاق عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف، وكان في غزوة مؤتة قال: والله لكأني انظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل حتى قتل وهو يقول:
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردا شرابها والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها علي إذ لاقيتها ضرابها وهذا الحديث رواه أبو داود من طريق ابن إسحاق ولم يذكر الشعر، وفي حديث أبي عامر رضي الله تعالى عنه عند ابن سعد أن جعفرا رضي الله تعالى عنه لبس السلاح ثم حمل على القوم حتى إذ هم أن يخالطهم رجع فوحش بالسلاح ثم حمل على العدو وطاعن حتى قتل. قال ابن هشام: وحدثني من أثق به من أهل العلم ان جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل رضي الله تعالى عنه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء. ويقال: ان رجلا من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه نصفين. وروى البخاري والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا في جسده بضعا وستين من طعنة ورمية، وفي رواية عنه قال: (وقفت على جعفر بن أبي طالب يومئذ وهو قتيل فعددت به خمسين من طعنة وضربة ليس منها شئ في دبره).
ذكر مقتل عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه روى ابن إسحاق (يحيى بن) عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه الذي أرضعه قال: فلما قتل جعفر أخذ الراية عبد الله بن رواحة، ثم تقدم بها وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم قال:
أقسمت يا نفس لتنزلنه طائعة أو لتكرهنه ان أجلب الناس وشدوا الرنة مالي أراك تكرهين الجنة قد طال ما قد كنت مطمئنة هل أنت الا نطفة في شنة وقال أيضا رضي الله تعالى عنه:
يا نفس الا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت وما تمنيت فقد أعطيت ان تفعلي فعلهما هديت