كبر وعرف ان قد قتلوه. ثم أتوه يعدون حتى وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا على باب المسجد.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفلحت الوجوه). فقالوا: (ووجهك يا ر سول الله. ورموا برأسه بين يديه. فحمد الله تعالى على قتله. ثم أتوا بصاحبهم الحارث، فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم على جرحه فلم يؤذه، فرجعوا إلى منازلهم.
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه) (1). فخافت اليهود، فلم يطلع عظيم من عظمائهم وخافوا ان يبيتوا كما بيت ابن الأشرف.
وعند ابن سعد: فأصبحت اليهود مذعورين فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: قتل سيدنا غيلة، فذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صنيعه، وما كان يحض عليهم ويحرض في قتالهم ويؤذيهم.
ثم دعاهم إلى أن يكتبوا بينه وبينهم صلحا (أحسبه). فكان ذلك الكتاب مع علي ر ضي الله تعالى عنه بعد.
تنبيهات الأول: قال العلماء رحمهم الله تعالى (في حديث كعب بن الأشرف دليل على جواز قتل من سب سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو انتقصه أو آذاه، سواء أكان بعهد أم بغير عهد، ولا يجوز ان يقال إن هذا كان غدرا وقد قال ذلك رجل كان في مجلس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فضرب عنقه. وانما يكون الغدر بعد أمان، وهذا نقض العهد، وهجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبه. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاهده ألا يعين عليه أحدا، فنقض كعب العهد، ولم يؤمنه محمد بن مسلمة ولا رفقته بحال، وانما كلمه في أمر البيع والرهن إلى أن تمكن منه.
الثاني: وقع في صحيح مسلم في قول كعب بن الأشرف: (انما هذا محمد بن مسلمة ورضيعه وأبو نائلة) (2). قال القاضي (عياض) قال لنا شيخنا القاضي الشهيد: صوابه أن يقول: (انما هذا محمد بن مسلمة ورضيعه أبو نائلة) أي باسقاط الواو، كذا ذكر أ هل السير أن أبا نائلة كان رضيعا لمحمد بن مسلمة). ووقع في صحيح البخاري: (ورضيعي أبو نائلة) (3).
قال: (وهذا له عندي وجه ان صح انه كان رضيعا لكعب.
الثالث: وقع في الصحيح ان الذي خاطب كعبا هو محمد بن مسلمة وجل أهل المغازي على أنه أبو نائلة وأومأ الدمياطي إلى ترجيحه، قال الحافظ: ويحتمل بجمع أن يكون